الصفحة الرئيسية / / / / / عرض الخبر

صحيفة عبرية: مناطق "ج" على طاولة غانتس.. من نظرة أمنية إلى نقل تدريجي للفلسطينيين

حجم الخط

 

رصد نيوز- فلسطين المحتلة

إسرائيل اليوم - بقلم: غرشون هكوهن -  أثار لقاء وزير الدفاع بني غانتس مع رئيس السلطة الفلسطينية الأسبوع الماضي، كما كان متوقعاً، انتقاداً من الجانب الآخر للخريطة السياسية وتأييداً في جانبها الثاني. اللقاء شرعي من ناحية أمنية وسياسية. السؤال الجدير بالتركيز  -فضلاً عن تفصيل ما اتفق عليه الرجلان في اللقاء حول مضامينه العلنية والسرية– هو ما هي الرؤية السياسية التي تتصدره، وما هي الميول 




الميدانية التي تسعى لتحقيقها؟



تعود السياسة الرسمية لحكومة إسرائيل لتوضح بأن هذه الحكومة لن تتخذ خطوات سياسية ذات مغزى، لا الضم ولا التسوية السياسية. كما أن اضطرارات القيادة الإسرائيلية واضحة للسلطة الفلسطينية والإدارة الأمريكية، وهذا ما يبعث قلقاً في الميل المتصدر بقيادة وزير الدفاع. مع أن عموم الجهات العاملة في الساحة استوعبت جيداً أنه لن تكون هناك مسيرات سياسية رسمية تحمل انعطافة معلنة في السنتين القريبتين. ومع ذلك، يبدو أن الوزير غانتس يعمل الآن على خطوات ما من تحت الرادار – في ميل رؤيا الدولتين. ففي مسيرة زاحفة، دونم هنا ودونم هناك بتشجيع من الإدارة الأمريكية، تبنى الدولة الفلسطينية في المجالات التي تخرج عما لديها الآن في مناطق “أ” و “ب”.




جرى الحديث كثيراً عن البناء والسيطرة الفلسطينية في المناطق “ج”. وقد يقبع في موقف وزير الدفاع من هذه المسألة فهم بأن معظم المجال المحدد حالياً كالمنطقة “ج” سينتقل إلى سيطرة فلسطينية. رؤياه للوضع النهائي في المجال يبقي في يد دولة إسرائيل ليس أكثر من كل الاستيطان المجاورة للخط الأخضر، الذي يتلخص في 3 في المئة في أقصى الأحوال من مجالات يهودا والسامرة، وقاطع ضيق على طول غور الأردن، على نحو يشبه الميل الذي وضعه رئيسا الوزراء إيهود باراك وإيهود أولمرت.




وهنا يبرز حجم الورم الذي تضخم من رؤيا رئيس الوزراء إسحق رابين، كما عرض في المداولات في الكنيست في القرار حول أوسلو “ب” في تشرين الأول 1995، وبين الموقف الذي تبناه  أولمرت وباراك.




يتلخص الفرق بين خريطة رابين، وخريطة باراك – أولمرت، بالمعنى المنسوب لدور المناطق “ج”. في خريطة رابين، تعبر هذه المناطق عن شروط إقليمية ضرورية في مفهوم أمن دولة إسرائيل، بينما هي في مفهوم باراك – أولمرت ليست أكثر من وديعة، مؤتمن عليها حتى التسوية النهائية في أيدي إسرائيل وستنقل في المستقبل إلى سيطرة فلسطينية في نهاية المسيرة.

حدود قابلة للدفاع




تقسيم المجال إلى مناطق “أ” و “ب” و “ج” نشأ على طاولة رابين في مسيرة تخطيطية مفصلة. مجالات بدت في نظره معبرّة عن مصالح أمنية لإسرائيل تحددت في خريطة الاتفاق كمناطق “ج”.




وللحفاظ على الأغلبية اليهودية في دولة إسرائيل اليهودية – الديمقراطية، سعى رابين لنقل الفلسطينيين إلى سيطرة فلسطينية. وتم لهذا الغرض نقل أجزاء كبيرة في يهودا والسامرة وغور الأردن إلى سيطرة السلطة الكاملة في المناطق “أ” وإلى السيطرة المدنية في المناطق “ب”. وبذلك، أنهى عملياً السيطرة المباشرة لدولة إسرائيل على معظم الفلسطينيين في المجال. وبالتوازي، وانطلاقاً من رؤيا أمنية، حدد مناطق “ج” كمرسى ضروري لسيطرة إسرائيلية في المجالات التي خلف الخط الأخضر. لقد أقيم مفهومه على أربعة عواميد أساسية: الأول، سيطرة إسرائيلية في القدس الموسعة، التي تضم أيضاً “جفعات زئيف” و”معاليه ادوميم”؛ والثاني، سيطرة في غور الأردن في كامل عمقه كمجال الأمن للدفاع عن دولة إسرائيل من الشرق؛  والثالث، الاحتفاظ بمناطق حيوية في المجال مثل جبل “حتسور” ومفترقات مركزية في مفترق “تفوح”، في جهد متداخل لنشر الاستيطان وقوات الجيش الإسرائيلي؛ والأخير، حفظ وحيازة أروقة تحت سيطرة إسرائيلية لربط غور الأردن بقاطع الشاطئ، وفي إطار ذلك حيازة آمنة لشبكة المحاور لحركة سير حرة وآمنة لقوات الجيش الإسرائيلي والمستوطنين.




بهذا الشكل، فإن المناطق “ج” – حيث تنتشر المستوطنات الإسرائيلية ومعسكرات الجيش الإسرائيلي في مجالات يهودا والسامرة، إلى جانب شبكة الطرق – تعبر عن المجال الذي رأى فيه رابين  ضرورة لوجود وحماية دولة إسرائيل، تعبيراً عن تطلعه إلى “حدود قابلة للدفاع”.




في هذا المفهوم الأمني، استغل رابين مسيرة التقدم لتحقيق اتفاقات أوسلو في صالح جهد شامل لتنظيم إقليمي متجدد. في هذا الإطار، تصدر جهد تصميم شبكات واسعة النطاق بشق شبكة طرق التفافية في المنطقة “ج”، تمنح الجيش الشروط اللازمة للحراك العملياتي في المجال. شبكة الطرق السريعة والمتطورة التي وضعها رابين – طريق الأنفاق إلى “غوش عصيون”، والطريق السريع إلى “أرئيل”، وطريق التفافي رام الله، وطريق التفافي حلحول – هي التي أتاحت انسحاب الجيش الإسرائيلي من التجمعات السكانية الفلسطينية في مناطق “أ” و “ب” في ظل الحفاظ على المصالح الأمنية لدولة إسرائيل.



مسألة حرية الحركة



بعد أكثر من نصف يوبيل، يمكن توجيه نظرة نقدية مقارنة بين المفهوم الأمني الذي تبلور في يهودا والسامرة وبين ذاك الذي تبلور في قطاع غزة. وبعد فك الارتباط في العام 2005، نشأت في قطاع غزة حدود متواصلة في نظام متصلب يثبت نمط عمل قوات الجيش بانتشار خطي على طول الحدود، في مجال نظم في فصل مطلق- “هم هناك ونحن هنا”. اجتياز الحدود لعمل الجيش الإسرائيلي في المجال الفلسطيني، الذي تسيطر عليه حماس، أصبح في قطاع غزة حدثاً قتالياً مركباً.



في هذا الواقع، فقد الجيش الإسرائيلي حرية العمل في عمق المجال الخاضع لسيطرة حماس. في مجالات يهودا والسامرة، بالمقابل، كنتيجة مباشرة للمفهوم الإقليمي الإبداعي الذي بلوره رابين، في التقسيم المتداخل للمجال إلى مناطق “أ” و “ب” و “ج” بقيت حرية حركة الجيش الإسرائيلي في كل المجال بشكل غير مقيد تقريباً. وهذا ما أتاح إنجازات حملة “حارس الأسوار” في يهودا والسامرة، وهذا ما أتاح لقوات الأمن في يهودا والسامرة الوصول في غضون وقت قصير إلى نشطاء الإرهاب واعتقالهم، دون استخدام قوات كبيرة، مثل العملية التي جرت في أطراف جنين للقبض على المخربين الذين هربوا من سجن جلبوع، أو مثل العملية السريعة في سيلة الحارثية لاعتقال قتلة يهودا ديمنتمن في “حوفش”.



الشكل الذي نظم فيه مجال الموزع في مناطق “ج” في هامش مناطق “أ” و “ب” يعبر عن مفهوم مجال أمني يهودي أثبت نجاعته الأمنية في نصف اليوبيل الذي انقضى منذ وضع. أما ميول البناء التي يجري العمل عليها بشكل تآمري من جانب السلطة الفلسطينية في المناطق “ج”، إلى جانب تنازلات إسرائيلية متفق عليها يدفعها وزير الدفاع إلى الأمام، فيتم القضم لأساس البنية الإقليمية التي وضعها إسحق رابين كشروط أمنية واجبة. هذا مثلاً هو خطر المخطط الهيكلي الجديد الذي تعمل عليه هذه الأيام الإدارة المدنية لتوسيع محاجر فلسطينية في المناطق “ج”، بجوار محاور السير الرئيسة.



إن الميول التي يعمل عليها وزير الدفاع غانتس في مجالات يهودا والسامرة والغور هي شأن مفهوم الأمن الوطني الشامل لدولة إسرائيل. وهي ذات مغزى لمستقبل دولة إسرائيل، وفيها يجدر تركيز النقاش الجماهيري.

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق