رصد نيوز- فلسطين المحتلة
طيلة أمس الثلاثاء، كان المزارع رافع دراغمة من قرية بردلة بالأغوار الشمالية يجوب حقوله الزراعية لحصر خسائره جراء موجة الصقيع الشديدة التي أثرت على كافة المحافظات خلال اليومين الماضيين.
وتشير التقديرات الأولية لدى وزارة الزراعة إلى أن حوالي 60% من أضرار الصقيع أصابت مناطق الأغوار، وألحقت بها خسائر أكبر من غيرها من المناطق.
حوالي 30 دونما كان دراغمة يزرعها بمختلف المحاصيل المروية من الباذنجان والكوسا والفلفل، والخيار والبندورة..
يشير دراغمة في حديثه لـ"وفا" إلى أن محاصيله تعرضت للخراب بشكل كامل، بحيث أصبح من الصعب الاستفادة منها، معتبرا أن هذه الخسارة لا تعوض، فحوالي 20 دونما مزروعة بالباذنجان والكوسا كانت قد نضجت ويستعد لقطافها خلال الأسبوع المقبل، لكن الآن تلفت جميعها، إضافة لعشرة دونمات أخرى كان قد زرعها حديثا.
لم تقتصر أضرار دراغمة على المحاصيل المكشوفة، وشملت أيضا المحاصيل المغطاة بالبلاستيك الزراعي، فتلفت النباتات الملامسة للبلاستيك من شدة البرودة.
"الصقيع الإشعاعي" طوق محاصيلنا بالجليد.. ونحن أمام خسائر فادحة، قال مزارعون في أحاديث منفصلة معهم.
هناك، في سهل "سميط" الواقع بين محافظتي نابلس وطوباس، حدثنا المزارع خضر جناجرة عن الخسارات الفادحة التي لحقت به وبغيره من المزارعين.
يشير جناجرة إلى أن خسارته كانت مزدوجة بالمحاصيل التي شارفت على موعد قطافها وبالمحاصيل المزروعة حديثا، مؤكدا أن أكثر من ثلثي محاصيله تلفت بشكل كامل، وقدر خسارته المادية مبدئيا بحوالي 150 ألف شيقل، فهو يزرع 180 دونما في السهل غالبيتها من البطاطا.
ويقول المزارع سمير الحمود، وهو من أقدم المزارعين في السهل إن موجة الصقيع التي شهدتها المنطقة خلال هذين اليومين لم تكن موجة صقيع معهودة بالنسبة لهم وتعتبر الأقوى والأقسى خلال سنوات طويلة، واصفا الأضرار التي حلت بالمزارعين بـ"الكارثية".
وأكد أن كافة أراضي سهل "سميط" الذي يعتبر من السهول الزراعية المهمة لحقتها أضرار بنسب متفاوتة، فحوالي 400 دونم مزروعة بالبطاطا والكوسا والفول تضررت بنسبة 100%، فيما تفاوتت نسب الأضرار في باقي الأراضي.
من جهتها، أوضحت مديرة الإعلام الزراعي في وزارة الزراعة ضحى عابدي، أن الصقيع الذي شهدته فلسطين خلال اليومين الماضيين غير معتاد بالنسبة للمواطنين والمزارعين ويعتبر الأقسى والأسوأ والأكثر إضرارا بالمحاصيل الزراعية، حيث لحقت أضرارا كبيرة جدا بالمحاصيل الزراعية في كافة المحافظات.
وأشارت إلى أن الصقيع في فلسطين يتشكل عادة في فترات متفاوتة من العام تمتد بين شهري تشرين الأول من فصل الخريف إلى شهر نيسان، ولكن أشده يتكون في شهري كانون الثاني وشباط.
ونوهت إلى أن الصقيع الذي يتشكل عادة في فلسطين، والذي اعتاد عليه المزارعون يطلق عليه "الصقيع الإشعاعي الساكن"، والذي يحدث عادة بعد المنخفضات الجوية وتكون خلاله الرياح ساكنة وتمتد فترته من ساعات الفجر حتى ساعات الصباح، وهناك نوع آخر من الصقيع يطلق عليه الصقيع الأبيض وعادة يتكون بعد المنخفضات الثلجية، ولكن النوع الذي شهدناه مؤخرا يطلق عليه "الصقيع الإشعاعي المتحرك"، ويعتبر من أقسى أنواع الصقيع وأشدها إضرارا بالمحاصيل.
ما يجعل هذا الصقيع قاسيا وصعبا، وفقا لعابدي، كونه يتشكل ويبقى طوال فترة الليل وحتى الصباح، وترافقه رياح باردة ومتحركة، وبالتالي يكون تأثيره لفترة أطول على النبات، حيث تتجمد خلايا النباتات ويزداد حجمها وتنفجر، وبالتالي يتلف النبات.
وأكدت أن وزارة الزراعة ومديرياتها كانت قد وجهت إرشادات للمزارعين للمساعدة في الحد من أضرار الصقيع على المحاصيل وهذه النصائح والإرشادات يجب اتخاذها باستمرار عند وجود صقيع، وأهمها نصائح لتقليل فقد الحرارة في المحاصيل الزراعية والتربة وزيادة العصارة داخل خلايا النباتات.
ومن أهم النصائح فيما يتعلق بالبيوت المحمية، بحسب عبادي، زيادة التدفئة عن طريق إغلاق البيت المحمي في الظهيرة لتخزين أكبر كمية من الحرارة وإغلاقه في الليل إغلاقا كاملا، إضافة إلى إشعال مواقد من جفت الزيتون ونشارة الخشب داخل البيوت المحمية لتدفئة المحاصيل، وكذلك التسميد الكيماوي لأنه يزيد تركيز العصارة داخل خلايا النبات، والري بالتنقيط داخل البيوت المحمية فقط.
وبالنسبة للزراعات المكشوفة والتي تعتبر الأكثر تضررا والتي يصعب حمايتها كليا من الأضرار، فإن ما يمكن عمله للحد من الأضرار هو إشعال جفت الزيتون ونشارة الخشب بما يساهم في تدفئة التربة والمحصول.
لا تقتصر الأضرار التي ألحقتها موجة الصقيع الأخيرة على المزارعين وحدهم، بل امتدت لتؤثر على آلاف العمال الذين يعتاشون من عملهم في رعاية وقطاف المحاصيل الزراعية.
كما يؤكد تجار ومراقبون أن موجة الصقيع هذه أدت لفاقد كبير في المحاصيل الزراعية في بعض المناطق، وهو ما قد يستشعره المواطن والمستهلك خلال الفترة المقبلة من ندرة بعض الخضروات في الأسواق، وارتفاع أسعار الكميات القليلة الموجودة منها بشكل كبير، فمن المتوقع أن تصل أسعار بعض أنواع الخضروات إلى الضعف.
بدوره، يؤكد مدير عام الإرشاد في وزارة الزراعة صلاح البابا أن هبوب الرياح القطبية بعد المنخفض الماضي أدت إلى انجماد وصقيع في مختلف الأراضي الفلسطينية من شمالها إلى جنوبها، وأحدثت أضرارا زراعية خاصة في مناطق الضفة الغربية.
وأوضح أن الوزارة كانت قد استبقت موجة الصقيع بتقديم نصائح للمزارعين عبر وسائل الإعلام المختلفة والرسائل النصية، للقيام ببعض الإجراءات وتدفئة المحاصيل لتقليل أضرار الصقيع عليها، لكن كان لا بد من حدوث أضرار فمن الصعب مقاومة عوامل الطبيعة بشكل كامل، وكانت معظم الأضرار في مناطق الأغوار الشمالية والوسطى والجنوبية، حيث تقدر نسبة الأضرار بهذه المنطقة بـ60% من مجمل الأضرار في الضفة.
وبالنسبة للمحاصيل الأكثر تضررا فهي البطاطا والكوسا خاصة في مناطق الأغوار، حيث وصلت نسبة الضرر في بعض المحاصيل إلى 70%، فيما وصلت الأضرار في محصول الكوسا إلى 100% لأن هذا المحصول حساس جدا للصقيع، إضافة لأضرار أخرى في المحاصيل الورقية مثل الخس والزهرة والملفوف والبقدونس ولكن ليست بنسبة كبيرة مثل البطاطا والكوسا.
وأكد أن موجة الصقيع كانت صعبة كونها موجة صقيع مع رياح جافة ومتحركة، بخلاف الصقيع المحلي المصحوب برياح ساكنة.
وأشار البابا إلى أن الأراضي المزروعة بالمحاصيل المكشوفة في الضفة تبلغ 80 ألف دونم تأثر منها حوالي ستة آلاف دونم، أما المزروعات المحمية فكانت الأقل تضررا حيث تبلغ مساحتها الإجمالية في الضفة 32 ألف دونم تضرر منها حوالي 600 دونم، خاصة المزروعة بمحصول الخيار الذي يعد الأكثر تضررا بين الزراعات المحمية، ومن ثم البندورة التي تضررت بنسب معينة.
وحول إمكانية تأثر أسعار الخضروات في الأسواق بسبب موجة الصقيع، أكد البابا أن المحاصيل التي تضررت بشكل ملحوظ مثل البندورة والخيار والكوسا قد ترتفع أسعارها خلال الفترة المقبلة أكثر من المحاصيل الأخرى التي كانت نسب الضرر فيها أقل.
المصدر: وكالة وفا