رصد نيوز - فلسطين المحتلة
أجمع أكاديمون ومحللون فلسطينيون على أن ملف إعادة إعمار غزة، مهمة صعبة، كونها لا تخلو من تدخلات أطراف عديدة.
واعتبر هؤلاء في أحاديث منفصلة مع "دنيا الوطن"، أن هناك حاجة لتحديد سقف لعملية إعادة الإعمار، وعدم تكرار أخطاء الماضي.
إعمار بعنوان سياسي
وأكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس الدكتور أحمد رفيق عوض، أن إعمار غزة يجب أن يترافق مع مضمون سياسي يضمن الثبات و الاستمرار، وهذا يحتاج إلى تأكيد حقنا في الدولة الفلسطينية بدون احتلال.
وقال د. عوض في تصريحات خاصة ل"دنيا الوطن" :"يحتاج الإعمار إلى عنوان سياسي موحد، وهذا يمكن إيجاده من أي جسم يتفق الفلسطينيون على تشكيله".
وأضاف "الإعمار يحتاج إلى ضمانة إقليمية ودولية حتى تلتزم كل الأطراف بتنفيذه، ولهذا فإن المهمة المصرية صعبة وتحتاج إلى صبر ودأب".
ولفت عوض إلى أن تدمير غزة، ومن ثم إعمارها تبدو عملية إنسانية من الخارج، ولكنها تنطوي أيضاً على مخاطر متعددة.
وأوضح أنه لا يجب أن يقصد بهذه العملية تفكيك الشعب الفلسطيني، ولا بذر الفتنة بين مكوناته، ولا تغيير أولوياته، ولا إلهاءه بشيء يخسره ولا لشراء ولاءاته، ولا لمعرفة نقاط قوته.
وشدد عوض على أن الإعمار يبدأ في إعمار الوعي، والإرادة الإقليمية والدولية بما يضمن منح الشعب الفلسطيني أملاً في الحياة والمستقبل من خلال دولة مستقلة بدون احتلال. واعتبر أن هذه هي كلمة السر و مفتاح الأمر كله، معرباً عن اعتقاده بأن مخاطر عملية الإعمار بغزة، لا تقل عن مخاطر الدمار.
زخم مصري
من ناحيته، أعرب الكاتب والمحلل السياسي هاني حبيب، عن اعتقاده بأن الجانب المصري يقف مع غزة في رفض ربط ملف إعادة الإعمار بملف إعادة الجنود الإسرائيليين المفقودين بالقطاع.
وقال حبيب في تصريحات لـ"دنيا الوطن" :"هناك محاولات في قضية إعادة الإعمار، لكن الأمر الذي يمكن أن يكون محسوماً، أن هذا الملف مرتبط بالسلطة الفلسطينية والأمم المتحدة فقط، بمعنى آخر أن أي طرف يريد أن يسهم بهذا الجانب فبإمكانه ذلك من خلال السلطة أو من خلال الأمم المتحدة".
وتساءل: هل حركة حماس ستوافق على هذه الصيغة؟. هذا هو السؤال المهم، لأن دعوة الأمناء العامين إلى القاهرة من شأنها أن توجد حل لمسألة السلطة، بمعنى مسألة الانقسام، متوقعاً أن الجهود منصبة ليكون هناك إطار يضم الجميع بما فيها حركة حماس.
وأوضح أن هناك زخماً في الحراك المصري على كافة الأصعدة بما فيها دوره في إعادة الإعمار، ووضع حجر الأساس لبناء مدينة جديدة في غزة، الأمر الذي يشير إلى أن هناك جهداً مصرياً هائلاً بالتوجه وأخذ دوره في هذا المنعطف التاريخي الهام.
موقف حماس ليّن
أما أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الإسلامية - غزة الدكتور وليد المدلل، فرأى أن حركة حماس موقفها ليّن جداً في ملف إعادة الإعمار، ضمن عدة محددات.
وأوضح المدلل في تصريحات لـ "دنيا الوطن"، أن المحدد الأول أنه يجب أن يكون هناك سقفاً لهذا الإعمار، وعدم تكرار أخطاء الماضي، وترك الناس ومصالحهم عرضةً للتهديد والمساومة، بمعنى لابد أن يكون إعماراً ضمن آجال زمنية معروفة.
وأشار إلى أن المحدد الآخر، هو أن فرصة الإعمار متاحة للجميع، وبدون شروط، مبيناً أنه بالنسبة لقطر، فهي طرف لا يضع شروطاً حقيقة، وبالتالي التعامل معها كان سهلاً بالنسبة لغزة.
ولفت المدلل إلى أن الطرف المصري، واضح أن عنده أجندة سياسية، ويحاول أن يطبق هذه الأجندة سواءً من خلال أن يكون له موطئ قدم في غزة أو أن يكون له شكل من أشكال التدخل.
ونوه إلى أن حركة حماس تعارض أن يتم استغلال موضوع إعادة الإعمار في تحقيق مكاسب سياسية لطرف دون الأطراف الأخرى، خاصةً أن هناك أطرافاً لم يكن لها أي دور، وكانت أطرافاً معطلة لتجارب الإعمار السابقة.
وتابع المدلل "المقاومة تحاول ألا تكرر هذه التجربة لأنها تجربة مؤلمة، ناهيك عن كونها تريد أن ترسل رسالة مبكرة بأنها لن تدفع أثماناً سياسية مقابل مسألة إعادة الإعمار في قطاع غزة".
وبحسبه فإن المقاومة أوضحت أن سعي الأطراف يجب أن يكون واضحاً من البداية، بمعنى أن السلطة إذا أرادت أن تتدخل فعليها أن توضح ما هي أجندتها في موضوع إعادة الإعمار، وهي عموماً لن تعارض أياً من هذه الأدوار.
مصر وقطر
أما الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، فرأى أن العناوين المطروحة بقوة في ملف إعادة إعمار غزة هي مصر وقطر.
وقال عوكل في تصريحات لـ "دنيا الوطن" :"قطر سبقت الجميع في إعلانها أنها ستقدم 500 مليون دولار لإعمار غزة، والمصالحة التي تمت بين الدوحة والقاهرة لها معانٍ أخرى بعيدة عن المستوى العربي".
وأشار إلى أن ما يُكسب دور الدوحة زخماً وتأثيراً، ما قامت به قناة "الجزيرة"، حيث خاضت المعركة من بدايتها حتى اليوم، وهناك اعتراف بدور كلٍ من قطر، مصر والأردن في الوساطة التي جرت من أجل وقف إطلاق النار بين فصائل المقاومة في غزة وإسرائيل.